martes, 9 de agosto de 2011

البديل | البديل » باسل رمسيس : تسييس الثورة أو تثوير السياسة

البديل | البديل » باسل رمسيس : تسييس الثورة أو تثوير السياسة

البديل | البديل » باسل رمسيس : عن الندالة والمبدئية.. وعصام العريان

البديل | البديل » باسل رمسيس : عن الندالة والمبدئية.. وعصام العريان

البديل | البديل » باسل رمسيس : يا أيها العسكري الطائفي… ارحل عنا

البديل | البديل » باسل رمسيس : يا أيها العسكري الطائفي… ارحل عنا

البديل | البديل » باسل رمسيس: مرحلة الكلاب المسعورة

البديل | البديل » باسل رمسيس: مرحلة الكلاب المسعورة

البديل | البديل » باسل رمسيس : الرويني وسلامة الوطن وأمنه

البديل | البديل » باسل رمسيس : الرويني وسلامة الوطن وأمنه

البديل | البديل » باسل رمسيس : جنة الإسلاميين وجحيم الشعب

البديل | البديل » باسل رمسيس : جنة الإسلاميين وجحيم الشعب

البديل | البديل » باسل رمسيس :الرعب

البديل | البديل » باسل رمسيس :الرعب

البديل | البديل » باسل رمسيس : تميم البرغوثي ولعنة طارق البشري

البديل | البديل » باسل رمسيس : تميم البرغوثي ولعنة طارق البشري

البديل | البديل » باسل رمسيس : صفعة للمجلس العسكري.. ولغيره

البديل | البديل » باسل رمسيس : صفعة للمجلس العسكري.. ولغيره

البديل | البديل » باسل رمسيس : حرب السلطة ضد الشعب

البديل | البديل » باسل رمسيس : حرب السلطة ضد الشعب

مصر وتونس‏..‏ قوة الاستعراض وخطورة النموذج - الأهرام المسائي - ١٢ يوليو ٢٠١١

مصر وتونس‏..‏ قوة الاستعراض وخطورة النموذج
بقلم‏:‏باسل رمسيس

224
عدد القراءات

ربما لا يعرف القارئ بأن المحتجين الإسبان‏,‏ الغاضبين عند احتلالهم ميدان بوابة الشمس‏,‏ الميدان الرئيسي للعاصمة الإسبانية‏,‏ الذي تحول إلي مركز الحركة ورمزها‏,‏ كانت أولي خطواتهم نصب العلم المصري في مركزه‏!‏

لم يتوقف الاستلهام عند المستوي الرمزي‏,‏ بل امتد للنقاشات الواسعة حول كيفية الاستفادة بالخبرة المصرية
ربما تكون الثورة المصرية من أكثر الأحداث السياسية‏,‏ غير الأوروبية‏,‏ التي حظيت بالمتابعة والاهتمام من جانب المواطنين الأوروبيين‏,‏ خلال العشر سنوات الأخيرة علي الأقل بالطبع ليس أكثر من حرب العراق فهذه الحرب كان لابد لها أن تحظي بهذا الاهتمام بسبب مشاركة أطراف أوروبية في العدوان علي العراق وبكل ما تحمله من معان وأهمية علي المستوي الدولي في الحالة المصرية‏,‏ احتلت ثورة يناير العناوين الرئيسية للجرائد الكبري والخبر الأول في اغلب نشرات الأخبار‏,‏ طوال الثمانية عشر يوما الأولي من الثورة‏,‏ وحتي اليوم التالي لسفر الرئيس المخلوع إلي شرم الشيخ‏.‏
كان مصطلح الثورة أو الانتفاضة الشعبية هو ما يطلق علي ما يحدث في مصر في وسائل الاعلام الأوروبية في اختلاف واضح عما حدث قبلها مباشرة في تونس‏,‏ حيث تم استخدام تعبير الأحداث التونسية غالبا ولم يستخدم مصطلح الثورة التونسية إلا فيما بعد إسقاط بن علي وظل هذا الاستخدام لمصطلح الثورة علي نطاق ضيق‏.‏
الاهتمام الأوروبي الاستثنائي بثورة يناير كان منطقيا لأسباب كثيرة من الممكن تلخيصها في اهمية مصر علي مستويات عدة بالنسبة للمواطن الأوروبي‏,‏ وأيضا لدي صناع القرار وأصحاب المصالح الاقتصادية في المنطقة إلا أن أحد اسباب هذا الاهتمام الاستثنائي يكمن ايضا في قوة الاستعراض الشو المصري مئات الآلاف من المواطنين‏,‏ من مختلف الأعمار‏,‏ التوجهات‏,‏ المعتقدات‏,‏ الطبقات الاجتماعية‏,‏ ومن الحنسين يتقاسمون نفس الميادين العامة بشكل متواصل ودون انفطاع‏,‏ لا تحدث بينهم احتكاكات‏,‏ يستخدمون السخرية كأحد اسلحة المواجهة‏,‏ ويديرهم عقلا جمعيا ما غير مرئي وديمقراطي ويفتح الباب امام كل المبادرات هذه العناصر لم تتوافر بهذه الدرجة في النموذج التونسي‏.‏
إلا آنه وعند اللحظة التي تبدأ فيها رياح الثورة في الوصول إلي مناطق أخري‏,‏ كالبحرين‏,‏ ليبيا‏,‏ اليمن‏,‏ سوريا‏,‏ يبدأ هنا التحول لتتغير المسميات وتبدأ ايضا عملية تغيير الأفضلية الشعبية الأوروبية في التعامل مع النموذجين التونسي والمصري‏.‏
علي مستوي التسميات فإن كل الانتفاضات أو بدايات الثورات العربية التالية للثورة المصرية‏,‏ لا تحظي بمسمي الثورات تحتل مساحات أقل علي المستوي الإعلامي‏,‏ يتم تهميشها تحت مسميات من قبل‏:(‏ الأحداث‏,‏ المواجهات‏,‏ النزاعات‏,‏ الاضطرابات‏,‏ الخ‏)‏ وهو ما يخلق لدي المتلقي الأوروبي‏,‏ تدريجيا‏,‏ وعيا بقلة الأهمية‏,‏ وإن ما يحدث هو مجرد نزاعات ما بين اطراف ما‏,‏ علي مصالح متفاوتة هذه الحالة تسمح للحكومات الأوروبية بالعمل الهادئ للاجهاض أو للتدخل تبعا للحالة المحددة‏,‏ بعيدا عن أعين شعوبها ورقابتها وفرضها لمواقف محددة مثلما حدث في الحالة المصرية‏,‏ علي سبيل المثال‏,‏ حين استطاع الشارع الأوروبي فرض موقف واضح داعم للثورة وضرورة التخلي عن مبارك‏.‏
هذا فيما يخص المسميات‏,‏ ماذا عن الأفضلية ما بين النموذجين التونسي والمصري؟ يعرف المواطن الأوروبي عن تونس‏,‏ غالبا‏,‏ أقل كثيرا مما يعرفه عن مصر وهو ما انعكس علي حظ الثورتين من زاوية الاهتمام العام أحد العوامل الأساسية هنا‏,‏ مثلما اشرت من قبل‏,‏ هو قوة الشو لكن النموذج المصري في جوهره خطر علي صناع القرار والسياسيين من الأحزاب الكبري الحاكمة فهو نموذج ثوري جديد‏,‏ إن اكتمل بحق يفتح طرقا جديدة للتغيير‏,‏ عبر العصيان والاعتصام الجماهيري المستمر والأهم انه نموذج لا يتوقف عند المطالب الديمقراطية العامة لذلك فهو خطر بشكل كامل إن تم استكماله واستلهامه من شعوب أخري أما النموذج التونسي‏,‏ فهو قابل للتحكم والتعامل معه بدرجات اكبر برغم إدراكي الشخصي أن الثورة التونسية قد حققت‏,‏ حتي هذه اللحظة إنجازات ديمقراطية أكثر وأهم من مثيلتها المصرية من هنا‏,‏ من منطق خطوة النموذج‏,‏ يمكننا فهم محاولة وسائل الإعلام الأوروبية الكبري‏,‏ المرتبطة بدوائر السياسة والمال‏,‏ تسويق النموذج التونسي‏,‏ تحت أي مبرر كان‏,‏ علي حساب النموذج المصري‏,‏ وذلك بعد خلع مبارك واحيانا تكون المبررات مثيرة للاستغراب‏,‏ مثلما قيل عن ان مشاركة النساء في الثورة التونسية‏,‏ كانت اكثر وضوحا من الحالة المصرية‏.‏
هذا علي المستوي الرسمي‏,‏ ماذا عن المستوي الشعبي؟ ماذا عن حركات الاحتجاج الجديدة في إسبانيا واليونان؟
استلهمت حركة الاحتجاجات الإسبانية الجديدة‏,‏المسماة بحركة ديمقراطية حقيقية الآن النموذج المصري بوضوح لوعي المشاركين بهذه الحركة‏,‏ بأنه المناسب لإحداث تغيير حقيقي‏,‏ برغم اختلاف الظروف والأنظمة وقوة الحركة ذاتها في البلدين ربما لا يعرف القارئ بأن المحتجين الإسبان‏,‏ الغاضبين عند احتلالهم ميدان بوابة الشمس‏,‏ الميدان الرئيسي للعاصمة الإسبانية‏,‏ الذي تحول إلي مركز الحركة ورمزها‏,‏ كانت أولي خطواتهم نصب العلم المصري في مركزه‏!‏ لم يتوقف الاستلهام عند المستوي الرمزي‏,‏ بل امتد للنقاشات الواسعة حول كيفية الاستفادة بالخبرة المصرية‏,‏ وامتد لخبرة التنظيم الداخلي للاعتصام واستمراريته كان من الكافي مجرد جولة قصيرة باعتصام بوابة الشمس‏,‏ لتتأكد من ان هؤلاء الشباب الغاضبين‏,‏ قد تابعوا ثورتك المصرية باهتمام وجدية بالغة‏.‏
اعتقد ان هذه الاستعارات الرمزية ـ رفع العلم المصري وتسمية جزء من ميدان بوابة الشمس بمنطقة التحرير ـ غاب عن التجربة اليونانية لكن لم يغب عن الوعي الشعبي اليوناني‏,‏ ضرورة التشبث بالموجة الثورية التي تجتاح جنوب المتوسط ووضوح أولوية حماية الحركة الاعتصام واستمراريتهما‏,‏ في مواجهة الدولة وجهاز امنها‏,‏ حين تتعرض هذه الحركة للهجوم‏,‏ مثلما حدث قبل أيام قليلة في أثينا‏.‏
اندلعت شرارة في مدينة تونسية صغيرة‏,‏ التقت مع شرارة أخري في البلد الذي قتل به خالد سعيد‏,‏ لتكبر ولتسقط رأس أقوي أنظمة المنطقة‏,‏ لتتجول هذه الشرارة‏,‏ حرة في بلدان أخري‏,‏ تتجاوز مياه المتوسط شمالا‏,‏ دون أن تطفئها أو تبردها مياه البحر ويبدو أنها مستمرة في التجوال‏,‏ باحثة عن انتصار جديد فهل تمنحنا سوريا هذا الانتصار‏..‏ النموذج الجديد؟
مخرج سينمائي مصري شاب
مقيم في إسبانيا يقوم بالتدريس في إسبانيا وكوبا

البديل | البديل » باسل رمسيس : سيادة المشير.. لن تكون عبد الناصر

البديل | البديل » باسل رمسيس : سيادة المشير.. لن تكون عبد الناصر

البديل | البديل » باسل رمسيس : زياد العليمي وإفساد الثورة وشبابها

البديل | البديل » باسل رمسيس : زياد العليمي وإفساد الثورة وشبابها

البديل | البديل » باسل رمسيس : عن الفقراء، الثورة الأخيرة، والثورة القادمة

البديل | البديل » باسل رمسيس : عن الفقراء، الثورة الأخيرة، والثورة القادمة

Democracia a la medida y exportable... (Sobre Europa, Egipto y la revolución del 25 de enero)

Democracia a la medida y exportable... (Sobre Europa, Egipto y la revolución del 25 de enero)

Por: Basel Ramsis – Al-Ahram 20 de junio 2011

Traducción: Adel M. Hassanein

No sé porqué tienden las mujeres mayores a perseguir a los conferenciantes al final de los seminarios y conferencias sobre la revolución egipcia, compartiendo con ellos sus temores y percepciones. En mi caso, la primera vez fue en Barcelona, cuando tres señoras me pararon, preguntándome si compartía su opinión sobre si las revoluciones del mundo árabe constituían una conspiración de la CIA para sabotear la economía europea! Ya habían pasado dos semanas después del triunfo de la revolución contra Mubarak.

Sin embargo, la última vez fue hace pocos días, en el sur de España. Una señora me preguntó ¿qué pasaría si los islamistas ganaran las elecciones? Le contesté que las fuerzas políticas democráticas van a respetar y acatar los resultados electorales y continuarán luchando por un Estado laico, democrático y una sociedad más justa y respetable con sus ciudadanos. Su siguiente pregunta fue: “¿Qué pasaría con Israel?”. Le respondí: “No creo que ninguna de las fuerzas políticas egipcias suspenda los acuerdos de Camp David. No obstante, es obvio que si llegáramos a construir un verdadero sistema democrático, sería perjudicial para Israel. Por ejemplo, ya no le regalaremos más gas egipcio. Además, este nuevo sistema democrático impondrá nuevas ecuaciones y realidades en la región de Oriente Medio”. Punto seguido, me fulminó sentenciando: “Temo mucho por el futuro de Israel. ¡Que Dios lo proteja!”.

Esta fue una de las jornadas a las que invitan a intelectuales árabes, sus homólogos progresistas europeos, así como a académicos, para charlar con los ciudadanos europeos acerca de lo que está sucediendo en nuestra región y de lo que llaman “la primavera árabe”. En cualquier ciudad europea, tal vez no pase una semana sin que se celebre un nuevo evento sobre este tema.

Pero hay otro tipo de seminarios y/o jornadas de mayor divulgación, que no se dirige a concienciar a la opinión pública europea sobre las revoluciones árabes a través de testimonios de los actores involucrados, o de aquellos que las siguieron con bastante atención. Se trata de un espacio de diálogo entre líderes de la opinión pública y aquellos que toman decisiones o sus representantes. Sus objetivos son completamente distintos. Se encargan de proponer ideas y planes para lidiar con y/o hacer frente a la ola de cambios en el mundo árabe.

El último encuentro de este tipo tuvo lugar recientemente, hace dos días, en la capital española, al que asistieron unos pocos especialistas y muchos expertos de los ministerios de Asuntos Exteriores y de Defensa, entre ellos algunos jefes y altos mandos del ejército. Por supuesto, también estuvo presente el embajador de Egipto en España, quien había declarado antes del 11 de febrero 2011 que lo que estaba sucediendo en su país eran disturbios y actos de sabotaje y que todo iba bien en Egipto.

El primer tipo de eventos va dirigido a personas primordialmente comprensivas o simpatizantes con estas revoluciones y revueltas, aunque no entienden con claridad lo que está aconteciendo. De esta manera, la atención se centra en recopilar la información y escuchar el testimonio de los activistas. Sin embargo, el segundo tipo no se aleja del marco de las percepciones y visiones colonialistas tradicionales, que intenta proteger a toda costa los intereses europeos en la región y proteger al que protege tradicionalmente y de primera mano estos intereses, es decir, Israel.

En este último caso, los participantes disponen de suficiente información proporcionada por los servicios de inteligencia. No necesitan ser informados como lo requieren los del primer tipo de seminarios y/o eventos públicos. Por consiguiente, no es de extrañar que los diálogos giren en torno a ciertos temas principales, entre ellos: El impacto de dichas revoluciones sobre los intereses europeos, particularmente en los países productores de petróleo, o en Egipto, el país árabe más importante. Además de las repercusiones de las revoluciones en los demás países asiáticos y africanos, el riesgo de su eventual ampliación y su transformación en una nueva ola de liberación. Es decir, el riesgo de que los pueblos pudieran ilusionarse con ser capaces de gestionar y controlar sus recursos, y sobre el propio efecto de las revoluciones sobre Israel, como injerto del mundo occidental arbitrariamente transplantado en el corazón de otro mundo ajeno. Por último, las estrategias europeas para actuar con nuestras revoluciones, o lo que ellos denominan “Asociación”.

Los islamistas, su llegada o no al poder, las libertades de la mujer, o los derechos humanos, son asuntos marginados dentro de estas conversaciones. Asuntos no marginales son: “¿Podrán nuestros pueblos conducir sus destinos? ¿Se detendrán estas revoluciones antes de alcanzar los aspectos sociales y económicos?”.

Por supuesto, Europa no está compuesta por un solo bloque. Existe una Europa de los pueblos iluminados, una Europa del capital multinacional, una Europa la de las fuerzas políticas y militares con una extensión hacia el exterior a través de sus aliados. Y también la Europa de un amplio sector de ciudadanos que no son conscientes de lo que está sucediendo, aunque olieran en ello un peligro que amenazara el nivel de su vida cotidiana.

En el caso egipcio en particular, a pesar del factor sorpresa y el fallido pronóstico de que la chispa emprendida en Túnez no iba a extenderse a Egipto, la capacidad de respuesta de los centros de toma de decisiones en la UE y los EEUU para encarar y enfrentar la situación ha sido mejor que en el caso de Túnez, a pesar de la momentánea confusión. A partir de ahí, podemos comprender el claro apoyo al ejército, a sus gestos, movimientos y políticas desde que se tomó la decisión de sacrificar a Mubarak y a su hijo. El juego político no se detuvo en aquel punto, sino que más tarde apareció el caso de Libia, y el éxito de la transformación de la revolución libia en una guerra civil, no solamente para asegurar el petróleo de Libia, sino también para poner freno a la ola revolucionaria y dar una lección a los egipcios. Ahora vivimos la tercera fase: la contención; “Les daremos una democracia limitada, bajo nuestra tutela y la de las fuerzas armadas, pero que ya no exijan más”.

En este contexto, todos los países europeos están compitiendo para ver quién devorará la mayor parte de la tarta, y qué modelo democrático, prefabricado, exportable, y a la medida tendrá éxito y aceptación. En uno de los seminarios, discreparon dos periodistas: uno de ellos habló del adiestramiento de los Hermanos Musulmanes y de cómo domesticarlos, mientras el otro se centró en la necesidad de proporcionar apoyo financiero a los nuevos partidos de los jóvenes liberales.

Con una simple búsqueda en Internet, el lector tendrá una idea sobre la cantidad ingente de dinero actualmente asignada a Egipto, no precisamente para financiar su propio desarrollo, sino para informarse e influir: cientos de reportajes televisivos, crónicas de investigación, películas, etc. Y también programas de apoyo a la democracia, tal como desean los centros del poder, que se puede resumir en: “¡Sonríe, ya has triunfado, has conseguido la democracia. Vuelve a tu casa!”.

A pesar de algunas diferencias y la diversidad de los modelos que nos proponen, el lector sabe muy bien que estos modelos coinciden cuando se trata de nuestro futuro. Coinciden en que el cambio sea limitado, en cambiar algunas caras sin tocar el núcleo básico del mismo sistema, y en mantener Egipto como una base avanzada para proteger sus intereses mediante la corrupción y la ausencia de la iniciativa popular.

No existe garantía alguna de si triunfará cualquiera de los modelos: Sus modelos hechos a sus medidas, o nuestro propio modelo, hecho a nuestra medida y de elaboración local. Tal vez nos encontremos a los egipcios en las calles, en futuras manifestaciones millonarias, gritando: ¡Dejadnos en paz, no queremos vuestra democracia!

Basel Ramsis

http://massai.ahram.org.eg/Inner.aspx?IssueId=636&typeid=26&ContentID=34736

الديمقراطية للتصدير وعلي المقاس - الأهرام المسائي ٢٠ يونيو ٢٠١١


الديمقراطية للتصدير وعلي المقاس
‏(‏ عن أوروبا ومصر وثورة‏25‏ يناير‏)‏
باسل رمسيس

248
عدد القراءات

ليس هناك أي ضمان حول أي من النماذج سينتصر‏,‏ نماذجهم علي مقاسهم أم نموذجنا علي مقاسنا وصناعة محلية؟‏.‏ ربما نجد المصريين يصرخون في الشوارع‏,‏ في مليونيات قادمة‏:‏ سيبونا في حالنا‏..‏ مش عايزين ديمقراطيتكم‏.‏

لا أعرف السبب في أن تترصد النساء المسنات المتحدثين في نهاية الندوات والمؤتمرات الخاصة بالثورة المصرية‏,‏ وأن يشاركوهم مخاوفهن وتصوراتهن‏.‏ في حالتي‏,‏ كانت المرة الأولي في برشلونة‏,‏ حينما استوقفتني ثلاث نساء ليسألنني إن كنت إشاركهن الرأي في أن ثورات العالم العربي هي مجرد مؤامرة من قبل المخابرات الأمريكية‏,‏ لتخريب الاقتصاد الأوروبي‏!!!.‏ كان هذا بعد أسبوعين من انتصار الثورة علي مبارك‏.‏ إلا أن المرة الأخيرة كانت قبل أيام قليلة‏,‏ في الجنوب الإسباني‏.‏ تسألني إحدي السيدات عما سيحدث إن انتصر الإسلاميون في الانتخابات ؟‏.‏ رددت عليها ببساطة بأن القوي السياسية الديمقراطية ستحترم نتائج الانتخابات‏,‏ وستظل تناضل من أجل دولة ديمقراطية علمانية ومجتمع أكثر عدلا واحتراما لمواطنيه‏.‏ كان سؤالها التالي‏:‏ وماذا عن إسرائيل؟‏..‏ أجبتها بأنني لا أعتقد بأن أيا من القوي السياسية المصرية ستقوم بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد‏.‏
إلا أنه من البديهي أنه في حالة تمكننا من بناء نظام ديمقراطي حقيقي‏,‏ سيكون هذا ضارا لإسرائيل‏.‏ علي سبيل المثال لن نهديها الغاز المصري‏.‏ وكما أن هذا النظام الديمقراطي سيفرض معادلات وحقائق جديدة في الشرق الأوسط‏.‏ فأفحمتني بجملتها الأخيرة‏:‏ أنا خايفة جداعلي مستقبل إسرائيل‏..‏ ربنا يحميها‏.‏
هذه ندوة من الندوات التي يدعو إليها المثقفون العرب نظراءهم من الأوروبيين التقدميين‏,‏ وكذلك الأكاديميون‏,‏ للحديث مع الجمهور الأوروبي عما يحدث في منطقتنا وما يسمونه بالربيع العربي‏.‏ وفي أي مدينة أوروبية‏,‏ ربما لا يمر أسبوع دون ندوة جديدة تتعلق بهذا الموضوع‏.‏
إلا أن هناك نوعا أخر من الندوات‏,‏ واسع الانتشار‏,‏ لا يستهدف توعية الجمهور الأوروبي بالثورات العربية‏,‏ عبر شهادات من شاركوا بها‏,‏ أو من يتابعونها بشغف‏.‏ هو عبارة عن حوارات تتم ما بين قادة الرأي العام وصناع القرار أو من يمثلونهم‏.‏ هدفها مختلف تماما‏,‏ وهو وضع التصورات والخطط للتعامل مع‏,‏ ومواجهة‏,‏ موجة التغيير في العالم العربي‏.‏ كان آخرها قبل يومين بالعاصمة الإسبانية‏,‏ شارك بها القليل من المتخصصين والكثير من خبراء وزارتي الخارجية والدفاع‏,‏ ومن ضمنهم بعض قادة الجيش‏.‏ وبالطبع السفير المصري في إسبانيا الذي قال قبل‏11‏ فبراير إن مايحدث مجرد شغب وإن الأمور عال العال‏.‏
النوع الأول من الندوات يتوجه لجمهور متعاطف بالأساس مع هذه الثورات والانتفاضات‏,‏ إلا أنه لا يفهم ما يحدث بوضوح‏.‏
بالتالي يتم التركيز علي المعلومات‏,‏ وشهادات النشطاء‏.‏ أما النوع الثاني‏,‏ فإنه لا يخرج عن سياق التصورات الاستعمارية التقليدية‏,‏ التي تستهدف حماية المصالح الأوروبية في المنطقة‏,‏ أيا كان الثمن‏.‏ وتستهدف حماية من يحمي تقليديا هذه المصالح عن قرب‏..‏أي إسرائيل‏.‏
والمشاركون في هذه الحالة لديهم المعلومات الكافية‏,‏ عبر أجهزة مخابراتهم‏,‏ لا يحتاجون للمعلومات التي يحتاجها جمهور النوع الأول من الندوات‏.‏ وبالتالي فليس من المستغرب أن تتم الحوارات حول عدد من المواضيع الأساسية‏,‏ من ضمنها تأثير الثورات علي المصالح الأوروبية‏,‏ بالذات في دول النفط‏,‏ ومصر باعتبارها الدولة العربية الأهم‏,‏ وتأثير الثورات علي باقي الدول الإفريقية والآسيوية ومخاطر امتدادها‏,‏ وتحولها لموجة من موجات التحرر‏,‏ وأن تتوهم الشعوب أنها قادرة علي التحكم في مواردها‏,‏ وتأثير هذه الثورات أيضا علي إسرائيل‏,‏ قطعة العالم الغربي المزروعة بتعسف في قلب عالم آخر‏.‏
وأخيرا استراتيجيات التعامل الأوروبي مع ثوراتنا‏,‏ وما يسمونه بالشراكة‏..‏ الإسلاميون‏,‏ وصولهم للسلطة من عدمه‏,‏ حريات النساء‏,‏ حقوق الإنسان‏,‏ هي مسائل هامشية في هذه الحوارات‏.‏ لكن السؤال غير الهامشي هو‏:‏ هل تستطيع شعوبنا السيطرة علي مقدراتها؟ هل تتوقف هذه الثورات قبل بلوغها الجانب الاجتماعي والاقتصادي؟ أوروبا ليست كتلة واحدة بالطبع‏,‏ هناك أوروبا الشعوب المستنيرة‏,‏ ورأس المال المتعدد الجنسيات‏,‏ والقوي السياسية والعسكرية ذات الامتداد الخارجي عبر حلفائها‏,‏ وأيضا القطاع الواسع من المواطنين الذي لا يعي ما يحدث‏,‏ وإن شم به رائحة الخطر علي مستوي حياته اليومية في الحالة المصرية تحديدا‏.‏ ورغم المفاجأة‏,‏ وعدم توقع أن تمتد الشرارة التونسية لمصر‏,‏ كانت قدرة مراكز صنع القرار في الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة علي المواجهة والتعامل أفضل من الحالة التونسية‏,‏ برغم ارتباكها اللحظي‏.‏ من هنا يمكننا فهم الدعم الواضح للجيش في تحركاته وسياسته‏,‏ بعد أن اتخذ قرار التضحية بـ مبارك وابنه‏.‏ لعبة السياسة لم تتوقف عند هذه المرحلة‏,‏ أتت ليبيا فيما بعد‏.‏ والنجاح في تحويل الثورة الليبية لحرب أهلية ليس فقط لحماية النفط الليبي‏,‏ وإنما لفرملة الموجة الثورية وإعطاء الدروس للمصريين‏.‏ نعيش الآن المرحلة الثالثة‏:‏ الاحتواء‏..‏ سنمنحك الديمقراطية المحدودة‏,‏ تحت وصايتنا ووصاية قيادة القوات المسلحة‏,‏ علي ألا تطالب بالمزيد‏.‏
في هذا السياق تتنافس كل البلدان الأوروبية علي من سيلتهم الجزء الأكبر من الكعكة‏,‏ وعن النموذج الديمقراطي ـ السابق الإعداد‏,‏ القابل للتصدير‏,‏ وعلي المقاس ـ الذي سيكتب له النجاح والقبول‏.‏ في إحدي الندوات اختلف صحفيان‏,‏ أحدهما تحدث عن ترويض الإخوان المسلمين‏,‏ وتحويلهم لـ حيوان منزلي‏.‏ بينما ركزت صحفية أخري علي ضرورة تقديم الدعم المالي لأحزاب الشباب الليبرالي الجديدة‏.‏ مع بحث بسيط في الإنترنت سيكتشف القارئ كم الأموال المخصصة لمصر الآن‏.‏
ليس من أجل التنمية‏,‏ وإنما للمعرفة والتأثير‏.‏ المئات من الريبورتاجات التليفزيونية‏,‏ تحقيقات صحفية‏,‏ أفلام‏..‏ إلخ‏.‏ وأيضا برامج لدعم الديمقراطية‏,‏ كما يريدها صناع القرار‏,‏ وملخصها‏:‏ ابتسم‏,‏ فأنت قد انتصرت‏..‏ حققت الديمقراطية‏..‏ فلتعد لمنزلك‏!‏ رغم بعض الخلاف والتنوع في النماذج المطروحة‏,‏ فإن القارئ يعي بوضوح أن هذه النماذج تلتقي حين يتعلق الأمر بمستقبلنا‏.‏ تلتقي في أن يكون التحول محدودا‏..‏ تغيير بعض الوجوه الأساسية دون تغيير جوهر النظام ذاته‏.‏ وأن يتم الاحتفاظ بمصر‏,‏ كقاعدة متقدمة تحمي مصالحهم عبر الفساد وتغييب المبادرة الشعبية‏.‏ ليس هناك أي ضمان حول أي من النماذج سينتصر‏,‏ نماذجهم علي مقاسهم أم نموذجنا علي مقاسنا وصناعة محلية؟‏.‏ ربما نجد المصريين يصرخون في الشوارع‏,‏ في مليونيات قادمة‏:‏ سيبونا في حالنا‏..‏ مش عايزين ديمقراطيتكم‏.‏

البديل | البديل » باسل رمسيس : تفاصيل المؤامرة: أنا والجاسوس وهواك.. عايشين لبعضينا

البديل | البديل » باسل رمسيس : تفاصيل المؤامرة: أنا والجاسوس وهواك.. عايشين لبعضينا

البديل | البديل » باسل رمسيس : بلد الطبقة الوسطي.. عن الرقابة، الثورة، والدولة الدينية

البديل | البديل » باسل رمسيس : بلد الطبقة الوسطي.. عن الرقابة، الثورة، والدولة الدينية

البديل | البديل » باسل رمسيس : الشيخ رضوان.. و العذرية والشيخ صبحي

البديل | البديل » باسل رمسيس : الشيخ رضوان.. و العذرية والشيخ صبحي

البديل | البديل » باسل رمسيس : اعتذار محمود سعد أو محاسبته

البديل | البديل » باسل رمسيس : اعتذار محمود سعد أو محاسبته

البديل | البديل » باسل رمسيس: زراعة الخوف والبصل في ثورة “سلمية”

البديل | البديل » باسل رمسيس: زراعة الخوف والبصل في ثورة “سلمية”

البديل | البديل » باسل رمسيس : مدارس الأحد، يا مدارس الأحد

البديل | البديل » باسل رمسيس : مدارس الأحد، يا مدارس الأحد

البديل | البديل » باسل رمسيس : عسكر وحرامية

البديل | البديل » باسل رمسيس : عسكر وحرامية

البديل | البديل » باسل رمسيس : هل أنقذت الثورة وائل عطية؟

البديل | البديل » باسل رمسيس : هل أنقذت الثورة وائل عطية؟

البديل | البديل » باسل رمسيس : يا حزب الانتحار .. لن نرتدي الأحجبة .. ولن ننتحر

البديل | البديل » باسل رمسيس : يا حزب الانتحار .. لن نرتدي الأحجبة .. ولن ننتحر

البديل | البديل » باسل رمسيس : يا أولاد الحلال .. حزب يقبلنا ويلمنا

البديل | البديل » باسل رمسيس : يا أولاد الحلال .. حزب يقبلنا ويلمنا

البديل | البديل » باسل رمسيس : نساء ثورة يناير

البديل | البديل » باسل رمسيس : نساء ثورة يناير

البديل | البديل » باسل رمسيس : أيها الحكماء… اجعلونا وقودكم

البديل | البديل » باسل رمسيس : أيها الحكماء… اجعلونا وقودكم

البديل | البديل » باسل رمسيس : قبطي/إسلامي/عسكري .. سمك/لبن/تمر هندي

البديل | البديل » باسل رمسيس : قبطي/إسلامي/عسكري .. سمك/لبن/تمر هندي

البديل | البديل » باسل رمسيس : عفوا .. أين هي الثورة المضادة ؟

البديل | البديل » باسل رمسيس : عفوا .. أين هي الثورة المضادة ؟

البديل | البديل » باسل رمسيس : أوهام ثورة يناير

البديل | البديل » باسل رمسيس : أوهام ثورة يناير

البديل | البديل » باسل رمسيس: إنتفاضة ٢٥ يناير هل يقاس الاستبداد بالترمومتر؟

البديل | البديل » باسل رمسيس: إنتفاضة ٢٥ يناير هل يقاس الاستبداد بالترمومتر؟

البديل | البديل » باسل رمسيس : مصر الجديدة وتيار التقدم

البديل | البديل » باسل رمسيس : مصر الجديدة وتيار التقدم

مقاطعة اليوم السابع - ١٧ فبراير ٢٠١١

مقاطعة اليوم السابع - ١٧ فبراير ٢٠١١

أوائل يناير الماضي، و عبر أحد الأصدقاء، تم الترحيب بي لكتابة مقالات لموقع اليوم السابع. نشر أحد المقالات. بعدها، و بحجة تطور أحداث تونس لم ينشر المقال الثاني. و هو المعنون ب (قرار إغتيال سيد بلال) و مرسل للموقع بتاريخ ١٢ يناير الماضي. الموقع قام بنشر أحد المقالات الأخري الخاصة بتونس و مصر أول أيام ثورة ٢٥ يناير، برغم عدم مواكبته للأحداث. فكرت بعد هذه التفصيلة في مقاطعة هذا الموقع لموقفه غير الواضح – بالذات موقف رئيس تحريره - من ثورة الشعب المصري، و خصوصا علي مستوي الأخبار التي يقوم بنشرها و نوعها. بعض الأصدقاء إعترضوا علي رغبتي هذه بحجة ضرورة وجود أصوات أخري داخل الموقع. فأرسلت مقال آخر بعنوان (إحراق الخطوط الحمراء) يوم ٧ فبراير. قيل لي بأنه سينشر بالتأكيد يوم ٩ فبراير. و هو ما لم يتم. من تفاصيل كثيرة أعتقد بأن هذا كان مقصودا، و خصوصا لمضمون المقالين و لتواريخ كتابتهما. الأصدقاء الأعزاء، مرفق المقالين، و أؤكد أنني لن أتعامل مرة أخري مع هذا الموقع لحين تغيير سياسته و قيادته، بما تثيره من الكثير من الشبهات.

باسل رمسيس

قرار إغتيال سيد بلال

هل تتذكرون عبد الحارث مدني؟ أنه محامي إسلامي تم تعذيبه و قتله ربيع ١٩٩٤. و شارك الكثيرون في حركة الاحتجاج الواسعة ضد تعذيبه و قتله، وتم اعتقال أعداد منهم. كان المحتجون من تيارات و معتقدات مختلفة و متناقضة، و من بينهم البعض ممن تشير بطاقاتهم الشخصية إلي أنهم مسيحيون. وقتها لم يعن لأحد الحديث عن هذا التنوع في حركة الاحتجاج، التي كانت بديهية و مبدئية.

لكننا الآن لسنا في التسعينات، و "سيد بلال" الذي أعتقد بأنه لم يمت علي سبيل الخطأ، لن يكون "عبد الحارث مدني"، ومثلما أشار بعض الكتاب، لن "تسح عليه دموع الوطن"، مثلما "سحت" علي ضحايا سيدي بشر (و كأن المطلوب في المولد المقام حاليا هو "سح الدموع"). و لن تتحول حالته كذلك إلي حالة "خالد سعيد". فشواهد كثيرة تشير إلي أنه تم اتخاذ قرار "بارد" من قبل إحدى الجهات بقتل أحد السلفيين بالإسكندرية، و بأن ينتشر الخبر، و يصاحب انتشاره هذا الإحساس بأنه لم يكن خطأ.

و ليسمح لي القارئ بأن أعبر عن إعجابي بأداء الجهاز الأمني و السياسي للدولة، علي مستوي التخطيط و التنفيذ، و لنتأمل هذه التفاصيل سويا:

بعد أقل من ٢٤ ساعة من التفجير، يعلن رئيس الدولة بأن الأمن مسئوليته الأولي، و يتم الحديث عن انتحاري، و هو ما يمكن أن يعني بأننا لن نعرف من هو الجاني المباشر في هذه الجريمة!! فهل تتوقف المسئولية عند مستوي التكهنات؟

في نفس اليوم – الأول من يناير - يقدم "محمود سعد" برنامجه المسائي، مباشرا، من أمام الكنيسة التي تم استهدافها. من شارع تم تنظيفه. لن أتحدث هنا عن غياب اللياقة، و الاستفزاز البالغ الذي يحمله هذا البث المباشر، و عن هذا "الأنتريه" الأبيض الفاخر و ملابس و كرافتات المدعوين الفاخرة. و لكن، أليس "مسرح الجريمة" هو مكان عمل المتخصصين في المعمل الجنائي؟ في لبنان الذي من الممكن أن ندعوه أدبا، بالدولة الصغيرة، تم إغلاق مكان إغتيال رفيق الحريري (سان جورج) أكثر من عام كامل!!

بعدها بعشرة أيام ينتشر خبر سيد بلال، و كذلك خبر اكتشاف أشلاء فوق سطح المسجد. الدولة الأمنية مرة أخري تدهشنا، و تجعلنا نتعجب كيف لم يفكر أي من مسئوليها بمعاينة مكان يبعد أمتار قليلة عن مكان الانفجار!!

أعتقد بأنها الفوضي الخلاقة، و بالذات ما يخص "سيد بلال"، كرسالة من السلطة للجميع، و مضمونها (المولد لازم ينفض).

رسالة لرئاسة الكنيسة بأن الدولة لن تقدم لها صورة للجاني، و بأن عليها العمل علي عودة رعاياها "للحظيرة" الكنسية، فقد تم تقديم ضحية موازية، و بأن هذه الكنيسة لن تنال مطالبها الصغيرة التي تود كسبها في خضم المولد.

رسالة إلي القطاع المسلم من المجتمع، بأن عليه الغضب بعض الشئ لاغتيال سيد بلال، علي صفحات الجرائد و "الفيس بووك"، فهو توازن مطلوب و ضروري مع الحركة الاحتجاجية للأقباط و المتعاطفين معهم.

و الأهم أنه رسالة لـ "قادة الرأي" من أجل حشد الماكينة الإعلامية. و لنراجع خطاب الكثير من الكتاب و الإعلاميين، الذين قاموا بتغيير الاتجاه سريعا، من خطاب طائفي يتحدث عن إعطاء بعض المزايا و الحقوق للمسيحيين، دون الخروج من مأزق (الأنا و الآخر)، ليتحول إلي خطاب طائفي أكثر فجاجة، يستخدم مصطلحات من قبيل: الفرنجة، الغرب الصليبي، مصر بلد مسلم "غصبن عنكم"، ضرورة "سح" الدموع علي سيد بلال و شهداء المسيحيين و شهداء مركب المنيا، إلخ.

الموالد كالزلازل، لها توابع تنهي الزلزال نفسه. و مولد الوحدة الوطنية بدأ في الانفضاض حين قررت السلطة أن ينفض. و هذا سبب إعجابي بأدائها، فهي تعلم جيدا خطورة خروج المسيحيين من الكنيسة و اندماجهم بالحركة الديمقراطية و الوطنية من أجل مجتمع عادل، ديمقراطي و علماني، يضمن حقوق كل مواطنيه بمختلف معتقداتهم، و يسمح لهم بتغيير حياتهم خارج حظائرهم الدينية المغلقة.

إحراق الخطوط الحمراء

يحلو للبعض، و بوعي، تسمية انتفاضة الشعب المصري "بالأزمة". ناكرين عنها صفة الانتفاضة أو الثورة الشعبية مثلما يسميها آخرون.

إن كانت تسمياتنا نحن لما يحدث بانتفاضة أو بثورة منطلقها أحيانا الوعي أو الاِنفعال، إلا أن مصطلح "الأزمة" تتم محاولة فرضه بوعي كامل و لأسباب سياسية. يفرض بالمنطق المصري الشعبي: (أزمة و هتعدي). علي اعتبار أن الأزمات يتم حلها بالحوار. المنطق الشعبي ذاته يفترض أنه لحل أزمة بين طرفين ينبغي عليهما ألا يتجاوزا الخطوط الحمراء، المستقرة بينهما. حتي يكون هناك دائما مساحة للتراجع، للحوار، و "التصالح".

بعد أسبوع من الإقامة الدائمة في ميدان التحرير، إقامة تعني المشاركة في الانتفاضة وليس "الفرجة" عليها، في هذا الميدان و الذي يعد فقط رمزا للانتفاضة/للثورة المصرية، و رمزا لشرعية جديدة، أجد أن مشاهداتي و مشاركتي تحسم بالنفي، و بشكل حاسم احتمالية أن تكون أزمة.

فكلا الطرفان، النظام و الانتفاضة الشعبية قد تجاوزا الكثير من الخطوط الحمراء. النظام تجاوز و أحرق الكثير من الخطوط الحمراء قبل ٢٥ يناير، علي سبيل المثال فقط، ما نشر قبل ساعات من كتابة هذا النص، حول تورط الداخلية ووزيرها في حادثة كنيسة القديسين.

أما عن الخطوط الحمراء التي تم تجاوزها بعد ٢٥ يناير من قبل النظام، فمنها استخدام القمع و العنف في أعلي مستوياته ضد المتظاهرين، إطلاق الرصاص و قنص الشباب في عدة مناطق و من بينها "معركة" وزارة الداخلية الشهيرة، استخدام البلطجة ضد جموع المعتصمين بميدان التحرير خلال محاولات اقتحامه،اختطاف النشطاء و إرهابهم، التلاعب الحالي بالدستور من قبل بقايا نظام مبارك، عمل التغيرات السريعة - التيك أواي - في بعض المناصب سواء في الدولة أو حزبها. و بالطبع لا يجوز تجاهل نزول الجيش للشوارع، حظر التجول، اغتيال السجناء السياسيين، إطلاق الجنائيين و استخدامهم بالتعاون مع عناصر الأمن في إرهاب المواطنين في بيوتهم، وسياسة العقاب الجماعي التي تمثلت بشكل أساسي في التجويع.

هذا عن بعض الخطوط الحمراء التي حرقها و تجاوزها النظام في معركته لإجهاض الانتفاضة. ماذا عن الخطوط الحمراء التي تجاوزها المشاركون في ثورة يناير؟ أعتقد أن جزءا هاما منها كانت للرد علي إجراءات النظام. تمثلت في إجهاض الشحن الطائفي بشكل كامل، و لنتأمل كيف شارك المسيحيون و المسلمون في ااإنتفاضة، و تجاهلهم شبه الكامل للفتاوي المؤيدة لمبارك و نظامه، سواء كان مصدرها الأزهر، دار الإفتاء أو البابا شنودة. لأول مرة نري في وسط العاصمة المواطنين، الذين لم نتصور أن لهم علاقة بالسياسة من قبل، يقولون لك بكل بساطة أن هذه السلطات الدينية لا تمثلهم و إن هذه القيادات الدينية مجرد موظفين لدي النظام.

خطوطنا الحمراء المحروقة كانت كتابة شعارات إسقاط النظام علي دبابات النظام نفسه، إحراق أقسام الشرطة التي كانت متخصصة في إهانة و تعذيب المواطنين قبل ٢٥ يناير، احتلال ميدان التحرير و الشوارع المحيطة به في وسط المدينة من قبل المنتفضين و تحويله لما يشبه المنطقة المحررة، عمل المتاريس و استخدام المولوتوف للرد علي مولوتوف و رصاص النظام، التنظيم الداخلي الحر لاعتصام التحرير. إلا أن أخطر الخطوط الحمراء التي فرضها النظام من قبل و تم إحراقها في شوارع مصر، كانت التوافق التام، و التعاون بين جميع القوي السياسية الفاعلة (لا أقصد هنا الأحزاب الشرعية طبعا) علي هدف واحد دون أي تشتت، و هو إسقاط النظام.

دون نسيان التعايش الغني بين أنماط حياة متعددة و مختلفة، و تبدو كأنها متناقضة. و التحام كل هؤلاء بالجسم الفاعل و النشط للانتفاضة، و هو شباب المناطق الفقيرة. ورفض الجميع للنظام بكامله و لدستوره، باعتباره لا يعبر عنهم.

هذه هي فقط بعض الخطوط الحمراء، التي حين نتجاوزها أو نحرقها فإنه ليست هناك رجعة للوراء. علي أحد طرفي الصراع تحقيق انتصار واضح و حاسم علي الطرف الآخر. إن لم يحدث هذا الانتصار فإن أزمات كثيرة و جديدة سوف ترحل للمستقبل، مسببة معضلة إجتماعية غير قابلة للحل.

أعتقد بأن الطرف المؤهل للانتصار هو الانتفاضة. شبابها و شيوخها و معهم كل أطياف المجتمع المصري. الانتصار هنا ضروري مجتمعيا و هو الاختيار المنطقي و الوحيد. و لأقدم اعتذاري هنا لجميع (الحكماء) المتجاهلين للخطوط الحمراء المحروقة و دلالاتها.

اليوم السابع | بوعزيزى الأسبانى وذاكرة النمل

اليوم السابع | بوعزيزى الأسبانى وذاكرة النمل

موسم الهجرة إلي ماكدونالدز

موسم الهجرة إلي ماكدونالدز


أتي الربيع، الموسم يحل باكرا و سوف يشتعل شيئا فشيئا. الموسم المناسب من أجل أن تخاطر بحياتك من أجل حياة أفضل. فأنت تعرف أن ما يدعونه من أنه ليس هناك مكان و عمل للجميع، ليس صحيحا تماما، و أنه حتي العمل الحقير في الشمال الغني أفضل مما هو متاح في بلادك.

منذ أيام فقد المئات من الفقراء الأفارقة حياتهم، خلال مغامرتهم للعبور نحو هذا الشمال، مستخدمين الساحل الليبي. و هو ما سيتكرر المئات من المرات خلال الصيف القادم، عبر المحاولات الأبدية من أجل الوصول إلي الساحل الإسباني، أو الإيطالي، منطلقين من ليبيا، المغرب العربي، أو السنغال. العداد سوف يستمر في التسجيل ليحول الجثث، الأسماء، و القصص لمجرد أرقام مشكوك في دقتها.

منذ أعوام رسم أحد الرسامين الإسبان الساحل الأوروبي واضعا عليه علم سلسلة المطاعم العالمية ماكدونالدز، تذكرت الكاريكاتير منذ أيام، عندما أخبرني أحد منتجي الأفلام التسجيلية، بإعجاب بالغ بذاته و توجهاته الإجتماعية، عن التمويل الضخم الذي يحصل عليه من أجل عمل أفلام يتم إستهلاكها في العالم الثالث، موجهة جميعا رسالة واحدة "عفوا أعزائنا الفقراء، الجنة ليست هنا، فلا تهاجروا إلينا". هل هذا التوجه مناسب لهذا الكاريكاتير!! هل هناك من يخاطر بحياته في قوارب الموت الشهيرة من أجل ماكدونالدز!!

إذا تركنا مؤقتا أوروبا، لنعبر المحيط الأطلنطي إلي نيويورك، فسنجد أن مسألة أن تنجوا بحياتك و أنت تعبر الحدود، لا تشكل أي ضمانة، فمن الممكن أن تُقتل علي يد مهاجر أخر، يعاني من العزلة، مثلما حدث منذ أيام، أو أن يقتلك أحد المجانين أو العنصريين.

و عودة إلي أوروبا، فأن السود بالنسبة للأوروبيين ليسوا سواء، فهم مختلفين، و لكن بالنسبة للخطاب العنصري، فهم أحيانا متساويون، و ليس دائما. أحد الصحفيين الإسبان الشهيرين من المنتمين لتيار الوسط، و المدعو دائما إلي أحد أكثر البرامج جماهيرية بالتلفزيون، لم يتردد منذ أيام أن يعبر عن إندهاشه بأوباما و إعجابه به، قائلا "أخيرا وجدنا شخص أسود ذكي"!!!

نفس الفئات الإحتماعية التي تتبني الخطاب العنصري، هي نفسها المعجبة منذ عشرة أعوام بأغنية مانو تشاو التي يقول بها "حين يحضر الجوع... يرحل الرجل... دون أية أسباب إضافية... فمتي نراه عائدا فوق الطريق؟"

و هي ذاتها نفس الفئات التي تؤيد قرار السلطات بأحد القري الإيطالية "فوجا" بتخصيص أتوبيسات للنقل العام فقط للمهاجرين، و ليس للجميع!!! و بالمناسبة فأن عمدة القرية المنتمي ليسار الوسط و الأمم المتحدة أيدوا القرار. الفصل العنصري هنا يتم بحجة السلام الإجتماعي، ملتقين مع برنامج الحزب الشعبي الإسباني الذي يهدف إلي أن يوقع كل المهاجرين عقد يلزمهم بإحترام العادات و التقاليد الإسبانيه وتعايشهم معها!!

في ميليية، المستعمرة الإسبانية داخل الأراضي المغربية، أدهشني الحاجز الهائل الذي يحمي المدينة من المهاجرين غير الشرعيين، و الذي لا يمنع هؤلاء المهاجرين القاطنيين العراء، بالتلال المحيطة، من أن يشاهدوا من بعيد ماكدونالدز الإسباني/الأفريقي.

حق الرؤية مضمون، ففي الصيف الماضي نُشرت أحدي الصور للشاطئ الإيطالي، يوم مشمس، الكثير مستلقين أمام البحر، و منهم أحدي الفاتنات العاريات التي تستمتع بالشمس، و ما تمنحه لجسدها من لون أسمر، بينما علي بُعد عدة أمتار تستلقي جثة أحد المهاجرين التي قذفها البحر، و هنا تجد نفسك حائرا، أتوجه نظرك لجسدها الفاتن أم إلي الوجه الغاضب لهذا الأفريقي الميت.

مشهد يتناقض مع ردة فعل المستجمين علي أحد شواطئ العراة في جزر الكاناريا منذ أعوام، و تمت إذاعته بالصدفة علي التلفزيون بعد أن قام بتصويره أحدهم، حين وجدوا أنفسهم فجأة أمام العشرات من الناجين من أحد قوارب الموت، فيقومون بمساعدتهم، إسعافهم، و إعانتهم علي الهرب من الشرطة.

لأول مرة سأدعي إمتلاك الحل، و لأقدمه كهدية مجانية للأنظمة الأوروبية الديمقراطية، و هو يشتمل علي جانبين، الأول هو إلغاء أحد بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – من الأفضل إلغاءه كاملا – و هو البند البليغ الذي يتحدث حول حق البشر في الإنتقال، السفر، و حرية إختيار مكان الإقامة و العيش. فهو برغم بلاغته مناسب فقط للفترة التي إحتاجت خلالها أوروبا للأيدي العاملة الرخيصة من أجل إعمارها و إنمائها.

أما الجانب الأخر من الحل الحاسم "للمحنة الأوروبية" فهو ألا يتم إستهلاك الأموال في عمليات إنقاذ هؤلاء الفقراء حين يتعرضون لخطر الغرق، أو في مراقبة سواحل بلدانهم، بل تركهم يغرقون عقابا لهم و عبرة للأخرين، و حين يتم القبض علي الناجين الملاعين، فيجب إجبارهم علي العودة إلي بلدانهم في مراكب أكثر هشاشة من المراكب التي أتوا بها، أو العودة مشيا علي الأقدام إذا كانوا من الهند، باكستان، أو الصين.


باسل رمسيس


بائع الورد الخائن

بائع الورد الخائن

أثناء لقائي مع بعض الأصدقاء في أحد مطاعم مدريد، بعد منتصف الليل، أتوقف عن الحديث فجأة، لأشير إليهم أن هذا الرجل الأربعيني الذي يبيع الورد علي بعد خطوات، هو من المؤكد مصري. كانت المرة الأولي التي أراه، و لكن شيئا ما من ملامح وجهه، إبتسامته، وطريقته في المشي أعطتني هذه الثقة بأنني أمام مواطني. سألته بعاميتنا إن كان مصريا، و يجيبني بنفس العامية بأنه عراقي، وبأنه عاش أعوام عديدة في مصر بعد نهاية الحرب قبل الأخيرة، و لذلك يتقن عاميتنا. بعد خمس دقائق من الحديث حول الحي الذي عاش فيه، يعترف لي قبل المغادرة، و بصوت خافت (خوفا من أن يكون هناك من يعرف لغتنا) بأنه مصري و أسكندراني. و أمام دهشتي لإنكاره بأنه مصري، يوضح لي أنه يقول بأنه عراقي لأن: (ده بيمشي أكتر مع الزباين، بصعب عليهم لما بقول أني عراقي).

صديقي (الخائن) وفقا لرئيسنا العظيم، إذا كان الرئيس هو من يكتب هذا المقال، يتنكر لوطنه العظيم الجائع، لينتسب كذبا لوطن أخر عظيم و مذبوح. هو يعرف دون أن يقرأ أي تحليل - عميق أو سطحي - حول المجتمعات الأوروبية أو إسبانيا و علاقتها بمسائل الهجرة، أن الفرق وارد، قائم، و أحيانا حاسم لتلقي معاملة ما دون غيرها.

في إسبانيا، أن تكون مغربيا أو جزائريا، هو وضع مختلف جذريا عما إذا كنت مصريا، أو عراقيا. الجوع يوحد الجميع، إلا أن الجوع و فقط ليس مأساة كافية. درجة تواجد و حجم الجالية تفرقهم، فإذا كثرنا فنحن مرفوضين، مثلما هو الحال بالنسبة للمغاربة و الجزائريين. و إذا كنا من بلاد النيل، التي لا يعرف عنها أغلب الإسبان سوي بعض لمحات من تاريخها الفرعوني البائد، فأنت مقبول بدرجة أكبر، و تثير حولك بعض الجاذبية و الإثارة. أما إذا كنت من العراق، فأنت مسكين، فالحرب التي صنعها الغرب ذاته تميزك و تعطيك بعض العطف. الحرب نفسها مختلفة، فليست هي ذات الحرب إن كانت في فلسطين، أو في لبنان، فالفلسطيني و اللبناني إن لم يكونوا مسيحيين، فهم من المحتمل أن يكونوا إرهابيين، بالمعني المبتزل للكلمة. يضاف في الحالة العراقية لدي الإسبان، هذا الشعور المبهم بالذنب، لمشاركة حكومتهم السابقة في الحرب، و إحساس بالقرب و التعاطف، لمجرد أن رئيس الوزراء الذي ينتمي للحكومة الجديدة سحب القوات الإسبانية من العراق.

لن أتحدث الأن عن التمييز في المعاملة في حالة النساء المهاجرات، فهذه قصة أخري، و لكن فقط آذكر القارئ بما نعرفه جميعا، بأن المرأة المهاجرة المحجبة تختلف بشكل كامل عن تلك التي لا ترتدي الحجاب، حتي و إن إرتدت الأثنتين جينز ضيق.

و عودة لهذا الشعور المبهم بالذنب، و الذي يتواجد لدي الفئات غير الفاعلة ثقافيا أو سياسيا، سوف يخفت و يتراجع بعد بضعة سنوات، ليترك صديقي بائع الورد المتجول دون بعض القروش. سوف يتراجع بمنطق أم كلثوم فالوقت قادر علي محو الألم. تراجع و إنتهي بالفعل تجاه المستوطنات السابقة في بعض مناطق أفريقا، الفلبين، و كذلك في أمريكا اللاتينية. جرائم الحقب الإستعمارية، إبتعدت، تم نسيانها، و تحولت في الخطاب الرسمي و الشعبي إلي وضع جديد، تسمي فيه إسبانيا بأنها الوطن الأم.

لا أستطيع نسيان الكولوبي المهاجر في مدريد، و الذي قال مرة: (حين يتم الحديث عن إسبانيا في أمريكا اللاتينية يتم الحديث عن الأم، عن الوطن الأم، و لكنك حين تأتي لها تكتشف إنها أم سيئة، تهجر أبنائها و تسئ معاملتهم). و أضيف أنا هنا: بعد أن إمتصت دمائهم.

حين يتم الحديث في الأوساط الأكاديمية عن أسباب الهجرة، يتم التركيز علي أسبابها التقليدية و الشائعة، مثل الجوع، فقدان الأمان، الإضطهاد العنصري، غياب الديمقراطية، و الحروب. و لكن أحيانا يتم تجاهل الإستغلال المكثف الذي تمارسه الشركات الكبري الأتية من الشمال لموارد و ثروات هذا المسمي بالعالم الثالث، و إستغلالها أيضا للحروب الأهلية إن وجدت. و يفاجئك إنكار بعض هؤلاء الأكاديميين إلي أن الأستعمار قد شوه المسار الطبيعي لتطور المجتمعات المُستعْمرة، و أن جرائم الشمال الغني تلتقي مع جرائم حكامنا في دفع الملايين للهرب.

العنف هو الحرب و فقط، و كأن تصدير الفقر، الإستغلال، و سرقة مجتمعات أخري ليس عنفا. و الجوع هو مأساة (معتدلة و مقبولة نسبيا) لا تصلح لنا الأن كمبرر. و بما أنني قلق علي مصير صديقي بائع الورد، فأنني لن أعارض إن إجتاح حلف الناتو أحد البلدان، التي تناسب ملامحه المصرية، بعد أن يُجبر علي أن يتوقف عن كونه عراقيا، و يفسد الورد الذي يحمله.

باسل رمسيس

الطائفية و تهافت اليسار البردعاوي


الطائفية و تهافت اليسار البردعاوي

تكفي المتابعة الدؤوبة لإكتشاف أن التيار الأسرع و الأكثر إثارة للصخب في تأييده للدكتور البرادعي في معركته، هو ما تبقي من اليسار المصري، و معذرة لإستخدام مصطلح "التبعية"، تبعية هذا اليسار لهذه الشخصية و هذه المعركة دون شروط. الموضوع لا يحتاج إلي جهد خاص أو أن تكون من المتخصصين في الشؤون السياسية، فمن الكافي تأمل صفحات الإنترنت، الجرائد و قراءة أسماء المجتمعين بالبرادعي.

المقصود هنا باليسار هو اليسار الماركسي أو الإشتراكي، و من يلتفون حوله من مثقفين ذوى توجه يساري و تقدمي. بالطبع ليس هناك ضرورة لسياق الشواهد التي تؤكد علي أن هذا التيار هو نفسه الأكثر هامشية و ضعفا في المجتمع المصري الآن. و أنه يأتي في ذيل قائمة تضم التيار الإسلامي (المنافس الأساسي و المتاح لنظام مبارك)، الليبراليين و الوفديين (المستندين إلي تراثهم التاريخي)، و أخيرا التيار القومي العربي، الذي برغم ضعفه التنظيمي، و الذي لا يختلف كثيرا عن حال اليسار، إلا أنه و علي المستوي الجماهيري لديه وجودا أكبر، بسبب بقاء زعيمهم التاريخي جمال عبد الناصر حاضرا في أذهان ووجدان قطاع هام من الشعب المصري. بينما اليسار يرتبط في أذهان القطاع الأوسع من المجتمع المصري بانهيار المنظومة الإشتراكية، و فساد و تحلل النماذج المتبقية ككوبا أو كوريا.

هذا التهافت اليساري البردعاوي، هو الأقرب تشبيها للحالة التي خبرناها جميعا وقت المراهقة، و التي تتواجد في كل المدارس الإعدادية و الثانوية، حيث يكون التلاميذ الأضعف جسديا و نفسيا، هم عادة الأسبق في محاولة صداقة التلاميذ ذوي القوة البدنية. الدافع واضح، و هو الرغبة في الحماية و الإحساس بالأهمية و عدم العزلة، حتي و أن أدي الأمر لتكون تابعا أو حتي "صبيا" لزميلك الأقوي.

أعتذر لكل الأصدقاء من كل المجموعات اليسارية المؤيدة للبرادعي، و المشتبكة مع معركته علي هذا التشبيه. إلا أن المثير للتساؤل هو كيفية إختفاء نقطة جوهرية، طالما ما شكلت نواة أساسية في مناقشات اليسار خلال قرن كامل من تاريخه، و هي الخاصة بأنه إذا كنت ضعيفا و مهمشا فعليك أن تقوم بتأسيس قواعدك و مرتكزاتك، و العمل المتأني و البعيد عن الأضواء وصولا لتأسيس حركة فاعلة، لها القدرة علي التحالف مع قوي أخري، من أجل فرض هذا التغيير الذي يتحدث عنه الجميع الآن. هذه المفصلية اليسارية يبدو إنها غابت تماما عن التيار البردعاوي، في ظل سيادة حالة الضعف و الهشاشة و التهميش البالغة الحاصلة الآن.

منذ عدة أيام نشر بيان بأسم "يسار مؤيد للبرادعي"، في هذا البيان تمت الإشارة لمحتوي إجتماعي و تقدمي لحركة البرادعي، و هو ما يبرر - وفقا للبيان - بالإضافة لأسباب أخري، دعم اليسار للبرادعي و المشاركة في معركته. بعدها بساعات قليلة و من خلال هذه النافذة المسماة "الشات"، أخبرني أحد الأصدقاء بأنه شارك في صياغة البيان. فطلبت منه أن يرسل لي ما قاله البرادعي حول مسألة التغيير الإجتماعي و العدالة التي يشيرون إليها، فكان رده هو التالي: (هو في الحقيقة مقالش حاجة، هو بما إن الكلام مش بفلوس، هو قال في التلفزيون أنه معجب بإشتراكية الدول الإسكندنافية). هنا تأكد لي أن عدم علمي بأي توجه إجتماعي و تقدمي للبرادعي، كما يشير قطاع من اليسار، ليس بسبب جهلي ووجودي بعيدا عن مصر آلاف الكيلومترات. و أن المشكلة تكمن في منطقة أخري، هي رغبة هذا اليسار الضعيف للحماية و الحركة، و إلي أي نوع من التواجد، حتي و إن إنطلق من أوهام. و عدم الرغبة في طرح التساؤلات، و إن كانت بسيطة من نوع مدي إشتراكية الدول الإسكندنافية، أو عن الإختلافات ما بين واقع مصر و تاريخها، عن الدول المشار إليها. و إن كان الثمن هو إنتخاب البرادعي مسبقا كمرشح التغيير و الديمقراطية، دون سؤاله عن تاريخه و برنامجه.

الصورة إتضحت لي أكثر حين علقت إحداهن قائلة: (البرادعي عمل حالة لطيفة جدا و كلها حركية فلازم نتفاعل معاها يا زميل).

هذه التهيؤات – ولا أقول الإنتهازية - هي التي تدفع القوي المؤيدة للبرادعي لإستخدام إشارات طائفية علي أمل إنها تفيد "المعركة"، و الرجاء مراجعة الصفحة الأولي من جريدة الشروق ليوم ٢٩ مارس. حيث يتم وصف النشطاء شكري عازر، أمين إسكندر، و جورج إسحق بأنهم قيادات قبطية. مع عدم الإشارة لتياراتهم، فلم يتم وصف الأول بالمناضل الشيوعي، أو الثاني بالقيادي الناصري، أو الثالث بصفته في حركة كفاية. و لن أتساءل هنا مثلا عن أخر مرة قام فيها الدكتور شكري عازر بالصلاة في الكنيسة، حتي يقوم بدعوة البرادعي للكتدرائية من أجل قداس عيد الميلاد. فهل ستأتي ساعة يتم وصف الكاتب علاء الأسواني بالقيادة المسلمة أو الكاتب المسلم؟ فيما يخصني، و لإضفاء بعض الفكاهة لما هو حاصل، فأنني أعلن بأنني سوف أحل دم من يصفني في يوم من الأيام بالناشط القبطي. فهل كان جورج حاوي، قائد الحزب الشيوعي اللبناني ليقبل بوصفه قائد مسيحي؟ رغم وجوده في سياق نزاع طائفي. أو كان يوسف درويش – أحد مؤسسي و قادة الحركة الشيوعية المصرية حتي وفاته عام ٢٠٠٦ – ليقبل بوصفه بالقائد اليهودي؟

سابقا، زمن يوسف درويش و جورج حاوي، كانت القيادات اليسارية و الشيوعية تنتقد ما كان يطلق عليه "لعبة الطواقي" بمعني تحول الناشط اليساري إلي ماكينة تتحرك في أجواء شديدة الإختلاف، نفس الشخص اليساري موجود في الجامعة، الإجتماع العمالي، و منظمة حقوق الإنسان. و هو في كل المرات يحتفظ بهويته كيساري إلا أن يغير "الطاقية" وفقا للمكان المتواجد به، فمرة يلبس طاقية اليساري الطالب، المرة الثانية هو اليساري الملتحم بالحركة العمالية، و الثالثة هو اليساري المندمج مع حركة حقوق الإنسان. الهوية الأساسية لم تكن تتغير وقتها، و هو ما يثير الدهشة الأن من تغيير الهوية السياسية بأخري، و هي الدين الموجود بالبطاقة، بغض النظر عن إيمان الشخص بهذا الدين من عدمه. أليسوا علمانيون علي أقل تقدير؟

خلال الثمانينات و التسعينات حيث كانت متاحة بقايا التنظيمات الشيوعية السرية، ضمت اللائحة الداخلية لبعض هذه التنظيمات إشتراط بأن يقوم الشيوعيين الراغبين في الإنضمام للحزب أو التنظيم، و كانوا من ضمن الحركة الشيوعية الثانية، و التي إنتهت عام ١٩٦٥، بأن ينتقدوا بوضوح جريمة حل الحزب الشيوعي المصري، التي تمت نفس العام المشار إليه، حتي يتم قبول عضويتهم بالتنظيم. أي أنه كان عليهم إستنكار و رفض جريمة إرتكبت قبل عشرون عاما، سواء شاركوا فيها أم لا.

أتمني ألا تتضمن لائحة التنظيمات التي ستأتي بعد عشرين عاما بندا يقول: (إستنكار جريمة المشاركة في معركة البرادعي). الأمنية هنا ليست نابعة من عدم الرغبة في وجود التنظيمات بالطبع، بل هي أمنية ألا تتحول معركة البرادعي لكارثة جديدة تقضي علي كل المتبقي.

باسل رمسيس

اليوم السابع | مولد سيدى بشر

اليوم السابع | مولد سيدى بشر

البديل | البديل » باسل رمسيس : تسييس الثورة أو تثوير السياسة

البديل | البديل » باسل رمسيس : تسييس الثورة أو تثوير السياسة

تسييس الثورة أو تثوير السياسة

البديل ٨ أغسطس ٢٠١١

شاهد أغلبنا هذا المقطع المصور يوم ٢٨ يناير، عائلة صغيرة في ميدان التحرير، يسيرون باتجاه الكاميرا، في خلفيتهم، علي المدي البعيد، حشود الأمن المركزي. دخان قنابل الغاز يمنح الصورة لونا رماديا، لكنه لا يمنع عنا ملاحظة أنها عائلة فقيرة. في المقدمة يسير الأب ذو اللحية الطويلة، ممسكا بيد الابن الذي لم يتجاوز السنوات العشر، وراءهما تسير الأم المحجبة، ممسكة بيد الابن الأصغر. لا يلتفتان للقنابل المتساقطة بقربهما، ويتقدمون بثبات. الطفل الأكبر يحاول أن يمسح دموعه، ربما تكون من فعل الغاز أو الخوف، بينما الأم بحزم وبغضب، وبكبرياء بالغ، تأمره: (متعيطشي… خليك راجل… خليك راجل عشان محدش يدوس عليك)!!! بالرغم من هذا الربط الشائك بين عدم البكاء والرجولة، فإن كلمات الأم، مع هذه الصورة، لم تمنع عني مشاعر الألم والفخر في كل مرة كنت أشاهد فيها هذا المقطع. فيما عدا المرة الأخيرة، فمبررات البكاء كانت هي ذاتها، الألم والفخر، ولكن أضيف إليها شعور واضح باحتمال الخسارة. ربما يكون الإحساس بالخطر، في ألا يتمكن هذا الطفل من العيش بكرامة، أن يداس وتتم إهانته، فيجلس مع زوجته عند الأمسيات، بعد ثلاثين عاما، ليحاولا تدبير كيفية إطعام أولادهما، بالجنيهات القليلة التي يملكانها.

تذكرت هذا المشهد حين كنت أتابع أخبار الإفطار الإخواني السنوي، وخصوصا ما يخص قائمة “الثوار” الذين تمت دعوتهم – السيد البدوي علي سبيل المثال. تأملت قطاعا من نخبتنا السياسية الجديدة، نتاج ثورة يناير، متسائلا عن إمكانية أن يحقق هؤلاء الكرامة لهذه العائلة. إلا أنه، وللأمانة، لم يكن التساؤل الوحيد، بل استوقفني غياب المجلس العسكري عن هذا الإفطار!!!

غياب الجنرالات ربما يعود لأحد هذه الأسباب: أن العسكر “الأذكياء والمحنكين” لم يذهبوا للإفطار لنفي تقاربهم وتحالفهم مع الإخوان. أو أنهم كانوا مشغولين بإفطار آخر يتم مع مواطنين، أو فلول، أو ثوار، (حسب التقسيمة الحالية للمجتمع المصري). أو أنهم بوصفهم قادة الثورة والوطن، كانوا مشغولين باستكمال مهام هذه الثورة وتأمين حياة عادلة للمواطنين. من المحتمل أن يكونوا في اجتماع تشاوري حول المواد الغذائية التي تباع عبر الجيش، بأسعار مخفضة في المناطق الشعبية، وكأنها هدية من المجلس العسكري الحاكم، تم إنتاجها في مزرعته الخاصة وبجهده الخاص. ربما هم لا يصومون أصلا، ويكرهون فعل الإفطار، ولذلك قاموا بفض إفطار التحرير قبل يومين، وضرب الصائمين الذين حاولوا الإفطار سويا، فلن يذهبوا بالتالي لإفطار الإخوان!!! في هذه الحالة الأخيرة ينبغي السؤال حول السبب في عدم فضهم لإفطار الإخوان بالقوة؟ هل السبب هو أنه قد تمت دعوتهم لإفطار الإخوان فلم يلبوا الدعوة كاتمين غيظهم، ولم تتم دعوتهم لإفطار ميدان التحرير، فغضبوا وانتهزوا الفرصة لإفساده وضرب المشاركين به؟

في هذه الحالة، النصيحة واجبة: عزيزي الثوري، قبل أن تقوم بأي فعل، عليك مراعاة كل أطياف المجتمع المصري، تستأذن الفلول والسلطة وتدعوهم لهذا الفعل أو المناسبة، لا تشغل الحيز العام دون موافقة كل القوي السياسية، من أكبرها لأصغرها، حتي لا تتهم بالخروج عن الوفاق، وأخيرا عليك أن تؤكد للشعب أنك لن تنتقص من استقراره.

بعيدا عن السخرية، هل هذه هي النتيجة التي وصلنا إليها بعد ستة شهور من الثورة؟ في أحد المؤتمرات، ألقي “إيغناثيو رامونت” – رئيس التحرير السابق لجريدة “لوموند” الفرنسية، وأحد أبرز مفكري تيار مواجهة العولمة – محاضرة تحدث فيها كثيرا عن الثورة المصرية، وأطلق نصيحة، قائلا: (علي الثورة المصرية أن تستولي علي أجهزة الإعلام المملوكة للدولة، وتطهيرها تماما، حتي لا تكون الثورة مرهونة بأجهزة الإعلام المستقلة، وبمصالح رجال الأعمال الذين يمتلكونها). لم ألتفت كثيرا لهذه النصيحة، بدت لي غير جوهرية، رددت عليه بأن (الثورة الآن في الشارع، وهذا هو الأهم). فقال: (الشعب لا يستطيع التواجد في الشارع طويلا، ومن الضروري أن يستمر الزخم الثوري لإنجاز كل مهام الثورة، وأحد شروط استمراره هو هذا الاستيلاء علي الإعلام)!!! كان هذا الحديث في شهر إبريل، بعد أربعة شهور، ثبتت صحة تصوره، وسذاجة تصوري. فعملية تسييس وابتذال الثورة تسير قدما علي جميع المستويات.

التسييس المقصود هنا هو تحويل الثورة لأداة للمكسب السياسي، الحزبي والانتخابي. ابتذالها في كثرة الأغاني والإعلانات التي تستخدمها كموضوع. صناعة رموز ونجوم جدد، لا تعرف عنهم أو عن تاريخهم شيئا. العشرات من الائتلافات واللجان التي تحمل جميعها أسم “الثورة”، يذهبون للسيد شرف أو للمجلس العسكري ليعطوه أسماء مرشحيهم لحركة المحافظين أو للوزارة. تحويل محاكمة المخلوع، التي ينبغي بالطبع الانتباه إليها، إلي جوهر وهدف العملية الثورية، وكأن الثورة قد قامت من أجل محاكمة المخلوع لقتله الثوريين المشاركين بها!!! تحالفات تُصنع وتُفض، ورشاوي انتخابية خلال رمضان، وقبل شهور من الانتخابات. بحر عارم من الحوارات و”المكلمات”، تتزامن مع ترسيخ تقسيمات غريبة (حزب الكنبة، الشعب، الثوار، والفلول) وعليك الانتماء لإحداها. أحزاب ورقية، لعبت دائما دور الكومبارس عديم الموهبة وقليل المبدئية، تسترد الآن عافيتها، وكأنها هي من قامت بالثورة وقادتها. تجاهل من السلطة للمطالب الشعبية والمساومة عليها، وحين تتحقق، لا تتحقق كاملة. إنهاكنا بمعارك جانبية وهامشية طوال الوقت: مقاطعة شركة تليفونات، أو موقع إلكتروني، أو الانضمام لصفحة محبي حازم عبد العظيم بعد منع الوزارة عنه، أو صفحة “الراجل أبو طاقية حمرا اللي بيحب يسلم علي المجرمين”. تصوير الشباب المتمسك بحقه في التظاهر والاعتصام والاحتجاج، وكأنه المسئول عن الكوارث المجتمعية والاقتصادية وغياب الأمن، بسبب افتقاده للحكمة. حرب نفسية وسياسية ضد حق الإضراب، وإنكار أنه كان السلاح الحاسم في هزيمة مبارك، وتصويره كأنه جريمة في حق الوطن. الآلاف من المقالات “الحكيمة ذات البعد السياسي المستقبلي”، المنتمية لنفس لغة ما قبل يناير، في حين يخرج عليك من يريد منعك من الكتابة، ويقول لك لا تكتب عن أسيادك!!! ويسار مصري ثوري مشتت في ثلاثة أحزاب جديدة، ولا تعلم تحديدا لماذا هو مقسم بينها، ومبررات هذا الانقسام… (الجملة الأخيرة مهياش هدية لخلية الشتيمة والتحريض اللي تم تكليفها للتركيز علي موقع “البديل”، عشان يسيبوني في حالي، بالعكس، ممكن يفضلوا منتعشين)…!!!

القائمة تطول، وتجعلنا نتساءل، كيف يكون حال هذه العائلة المشار إليها في البداية، الآن، وبعد شهور من الثورة؟ هذه الأم في ميدان التحرير، قالت لابنها: (خليك راجل عشان محدش يدوس عليك). لم تقل له: (خليك راجل عشان تكون وزير أو زعيم حزب). وهذا هو جوهر الخلاف بين التصورين، تسييس للثورة أو تثوير للسياسة. هل المطلوب هو تحجيم الثورة ونقلها للقاعات والغرف والموائد السياسية؟ أم أن علي الثورة أن تتحول لأداة صراع اجتماعي وسياسي، يومي، من أجل مستقبل أفضل؟ هل القضية هي أن يكون الحكم القادم باسم شرع الله؟ أم ببرامج محددة تحقق أهداف الثورة وطموحات الفقراء ممن قاموا بها؟ هل من الضروري أن تكون الغلبة في هذه المرحلة لصوت ابراهيم الهضيبي وأمثاله من كل التيارات السياسية، ممن يتم تحجيمهم الآن؟ أم لمحترفي السياسة وألعابها ومساوماتها؟ هل عليّ الاحتجاج ضد من قمعوا الصائمين حين حاولوا الإفطار في ميدان التحرير؟ أم عليّ أن أصمت كي لا أوضع في القائمة السوداء؟ وبالتالي أخسر مكاسب سياسية محتملة!!!

وكما أن مشهد هذه العائلة في ميدان التحرير، ورغبتهم في ألا يدوسهم أحد، سوف يظل ماثلا ومحوريا أمام الكثيرين، ستظل جملة شاعرنا المتوفي، أمل دنقل، كحقيقة مطلقة، ينبغي كسرها: من يملك العملة يمسك بالوجهين، والفقراء بين بين…!!!

الفقراء ودمهم ومصالحهم هي المعركة الثورية الحقيقية، والخط الأحمر الوحيد. رمضان كريم.

basel@dayraarts.com