miércoles, 5 de marzo de 2014

السيسي زعيما.. للهائمين علي وجوههم

كان من المفترض أن ينشر هذا المقال في عدد جريدة الوادي يوم ٤ مارس ٢٠١٤، لكن العدد دخل المطبعة ولم يخرج منها.

هل تتذكرون قصة ساعة أوميجا؟ هل تتذكرون تسريبات الأحلام والسيف المكتوب عليه بالأحمر "لا إله إلا الله"، ولقاء السيسي بالسادات وحوارهما حول رئاسة الجمهورية؟
وقت قراءة هذا المقال ستكون فضيحة الجهاز الذي يعالج التهاب الكبد الوبائي، والإيدز الذي يعالج بالكفتة، قد تراجع الاهتمام بها. لكن فتور الاهتمام بهذه الحدوتة لا يتناقض مع حقيقة أنها أدت دورها المطلوب.. أن تضاف إلي ما يمكن تسميته بسلسلة "الغيبيات الضرورية".
دارت نقاشات واسعة حين نشرت تسريبات الأحلام، إن كانت مقصودة أم لا، إن كان السيسي يفضفض فعلا وبشكل عفوي مع ياسر رزق فحكي له عن أحلامه، أم أن التسريب مقصود وله أهداف سياسية.
لنترك مؤقتا "الغيبيات الضرورية"، هل أنت متأكد من أن السيسي سيترشح للرئاسة؟ الإجابة الواقعية يجب أن تكون لا. فليس لدي أي منا يقين كي ينفي أو يؤكد. لكن هناك بعض المسائل التي تبدو واضحة فيما يخص الرئاسة، من بينها أن هناك ارتباكا في صفوف "شلل" الحكم الحالية. وأن هناك تناقضات وصراعات فيما بينها. وأن "الشلة" التي ستفرض رجلها علي كرسي الرئاسة لن تكون صاحبة الكلمة الأولي والأخيرة في حكم هذا البلد، فالصراعات مفتوحة لسنين قادمة، وخصوصا في ظل غياب مشاريع سياسية حقيقية. وأن "الشلة" الأقوي عليها أن تراعي بقية "شلل" السلطة. وأخيرا، ومن ضمن المسائل التي تبدو واضحة، أن مسألة ترشيح السيسي ورضي "الشلل" الأخري به لم تحسم بعد. لكن الرئيس القادم، سواء كان السيسي أو غيره، مدنيا أو عسكريا، سيحظي برضا قادة الجيش، قادة المؤسسة الوحيدة التي مازالت متماسكة، ولو شكليا، من مؤسسات الدولة. وأن هذا الرئيس سيعمل والمؤسسة العسكرية في ظهره، تحميه وتدعمه.
إن اتفقنا علي هذه الفرضيات، فسنتفق بالتالي علي أن رصيد السيسي سيكون رصيدا لبديله في حالة عدم ترشحه. الرصيد هو القوة، والأموال، والعلاقات، ودعم المؤسسة العسكرية، وقوة السلاح، ووحدة هذا السلاح، والقوي السياسية الداعمة، والشعبية الطاغية، وأيضا الأحلام والأوهام.
سيعتمد السيسي، أو ما سنسميه "مرشح السيسي"، في معركة الرئاسة والمعارك الكثيرة التالية لها، علي مجموعة من القوي أو الفئات بالإضافة للمؤسسة العسكرية. من الممكن تلخيصها في: ١) بعض قطاعات السياسيين من بواقي مبارك، المؤيدة لوجود قبضة عسكرية قوية تحكم البلد في الفترة المقبلة، وتضمن القضاء علي الثورة. ٢) مجموعات من النخب السياسية الانتهازية بطبيعتها، والتي تميل دائما للأقوي. ٣) ربما، وأؤكد علي كلمة ربما، بعض "الشلل" داخل الشرطة. ٤) رجال الأعمال الراغبين في الاستقرار. ٥) مجموعات من المثقفين الديمقراطيين المتفقين - بنزاهة ودون انتهازية - علي أن البلاد في خطر حقيقي، وأن وجود المؤسسة العسكرية في السلطة سوف ينقذها، ولنتعارك بعد هذا الإنقاذ.
لكن هذه القوي ليست فئات اجتماعية بحق، ولا تشكل قواعد شعبية حقيقية، ومن الممكن أن تتغير وتتبدل مواقفها السياسية، وبسرعة. والسيسي، أو "مرشح السيسي"، بحاجة إلي قوة اجتماعية حقيقية تدعمه وتقف في ظهره عند اللزوم. والطبقة الوسطي المدينية لا تصلح لأنها متذبذبة أيضا، ناهيك عن كسلها، فهي تنزل مظاهرات ليومين وتعود إلي منازلها. هل هذه القوة الاجتماعية المطلوبة هي طائفة "المواطنين الهائمين علي وجوههم"؟ ربما.
ما هي ملامح الهائمين علي وجوههم؟ هم هؤلاء المواطنون الذين تجدهم في كل المدن والقري، يعيشون في الحضيض، في القاع، وليس لديهم أي أمل في رفع رؤوسهم. هم المواطنون الذين قد تحولوا خلال عقود من القهر والتجهيل والإفقار إلي شبه مواطنين. تراهم في كل الأوتوبيسات العامة وفي كل الشوارع بعيون زائغة، بوجوه حزينة، يحدثون أنفسهم دون أن يدروا. هم هؤلاء الذين إن سألت أحدهم علي عنوان ما يتأخر في إجابتك، التأخر في الإجابة ليس بسبب التفكير في كيفية شرح الطريق، فهو يتأخر لأنه ليس هنا، ويلزمه وقت للعودة إلي هنا، ولرؤيتك والتفاعل مع سؤالك.
هذا المواطن الهائم علي وجهه يصدق الأحلام. يصدق هذا السيف المكتوب عليه "لا إله إلا الله". يصدق أن السادات زار السيسي في المنام، ويقول لك "علي الأقل أيام السادات كنا لاقيين ناكل". هذا المواطن مريض بالتهاب الكبد الوبائي، أو بالسكر، أو بالضغط، أو بالقلب، أو بفقر الدم، أو بأمراض أخري. لن يشفي منها، وهو يعرف ذلك، لكنه يحتاج الأمل كي يعيش أيامه الحزينة.
سيسمع عن هذا الجهاز الجديد، لن يفهم شيئا. وسيسمع بعض السخرية من الجهاز والكفتة، ومن هذا الشخص الغريب الذي يلبس بدلة عسكرية ويعلن عن اختراعاته. سيرتبك، وفي النهاية لا يملك سوي أن يصدق وأن يتمسك بهذا الأمل، والوقوف خلف من يبيعون له الوهم.
هل تريد المزيد من الوجع كي تضيفه إلي هذه الحدوتة؟ هاهو: نحن منفرون!! نعم.. نحن من نسخر من الجهاز ومن صاحبه، لسنا جذابين لطائفة الهائمين علي وجوههم. نحن ننتمي في خيالهم الجمعي للطائفة التي خربت البلد بثورتها "أكتر ما هي خربانة". نجحت السلطة في تصويرنا كطائفة، ونجحنا بالكثير من ممارساتنا في أن نكون منفرين للهائمين. ومجرد سخريتنا وتهكمنا علي تسريبات الأحلام وجهاز الكفتة هي أسباب إضافية كي يصدق "المواطن الهائم علي وجهه" أكثر فأكثر رجل السلطة، سواء كان السيسي أو "مرشح السيسي"، وأن ينتظره، ويدعمه، وربما يضحي من أجله.
هل ينبغي نشر هذا الكلام الكئيب؟ لا أعلم. لكننا نعلم أن الوطن الحر الكريم العادل هو وطن خالٍ من المواطنين الهائمين علي وجوههم. هو وطن لا يوجد به من يحترف تصنيع المواطنين الهائمين المغيبين، واستغلالهم.

باسل رمسيس


domingo, 2 de marzo de 2014

حواديت عن أرض الأحلام

 
تقف مدام إيمان في شارع طلعت حرب، "تشرشح" لباسم يوسف الخائن، وتعطيه درسا في الوطنية. هل تعرف مدام إيمان معني كلمة الوطن؟
 
في "المنجد للغة والأعلام"، طبعة ١٩٩٨ يرد هذا المعني لكلمة وطن: (منزل إقامة الانسان ولد فيه أو لم يولد). ويضاف لهذا المعني، في نفس السطر: (مربط المواشي).
 
أنسي القاموس.